فصل: ذكر أخبار مسيلمة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت سنة احدى عشرة

فمن الحوادث فيها أنه

 قدم على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وفد النخع من اليمن

للنصف من المحرم وهم مائتا رجل مقرين بالإسلام وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل باليمن‏.‏

قال الواقدي‏:‏ وهم آخر من قدم على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من الوفود‏.‏

 ومن الحوادث استغفار رسول اللّه لأهل البقيع

أنبأنا الحسين بن أحمد بن عبد الوهاب وإسماعيل بن أبي بكر المصرف وعلي بن عبد اللّه الزاغوني وعبد الرحمن بن محمد القزاز ومحمد بن الحسن الماوردي وأحمد بن محمد الطوسي حدَّثنا أبو الحسن بن النقور أخبرنا أبو طاهر المخلص أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يوسف السختياني حدَثنا السري بن يحيى حدَّثنا شعيب بن إبراهيم التيمي حدَثنا سيف بن عمر عن مبشر بن الفضل عن عبيد بن حنين عن أبي مويهبة مولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أهبني رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحرم مرجعه من حجته وما أدري ما مضى من الليل أكثر أو ما بقي فقال‏:‏ ‏"‏ انطلق فإني قد أمرت أن استغفر لأهل البقيع ‏"‏ فخرجت معه فاستغفر لهم طويلًا ثم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏ ليهنكم ما أصبحتم فيه أقبلت الفتن مثل قطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى يا أبا مويهبة إني قد أعطيت خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فخيرت بين ذلك والجنة وبين لقاء ربي والجنة ‏"‏ فقلت‏:‏ بأبي أنت وأمي خذ خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة قال‏:‏ ‏"‏ لا واللّه يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربيِ والجنة‏"‏‏.‏

ورجع رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم واشتكى بعد ذلك بأيام‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي حدَّثنا الأهيم حدَّثنا العباس بن محمد الدوري حدًثنا هاشم بن القاسم حدَثنا أكثم بن فضيل حدَّثنا يعلى بن عطاء عن عبيد بن جبير عن أبي مويهبة مولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يصلي على أهل البقيع فصلى عليهم في ليلة ثلاث مرات فلما كانت الليلة الثالثة قال‏:‏ ‏"‏ يا أبا مويهبة أسرج لي دابتي ‏"‏ حتى انتهى إليهم فلما انتهى إليهم نزل عن دابته وأمسكت الدابة ووقفت ووقف عليهم ثم قال‏:‏ ليهنكم ما أنتم فيه مما فيه الناس أتت الفتن كقطع الليل المظلم يركب بعضها بعضَاَ الآخرة شر من الأولى فليهنكم ما أنتم فيه ‏"‏ ثم رجع وقال‏:‏ ‏"‏ يا أبا مويهبة إني أعطيت أو خيرت بين مفاتيح ما يفتح على أمتي من بعدي والجنة أو لقاء ربي قال‏:‏ قلت‏:‏ بأبي وأمي يا رسول الله فاخترنا قال‏:‏ لا ‏"‏ لأن ترد على عقبها ما شاء الله فاخترت لقاء ربي ‏"‏‏.‏

فما لبث بعد ذلك الاستغفار إلا سبعًا أو ثمانيًا حتى قبض صلى الله عليه وسلم‏.‏

ومن الحوادث

 سرية أسامة بن زيد بن حارثة

إلى أهل أبْنى وهي أرض السراة ناحية البلقاء‏.‏

وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم في يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة فلما كان من الغدا دعا أسامة بن زيد فقال‏:‏ ‏"‏ سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش فأغر صباحًا على أهل ابْنَى وحَرِّقْ عليهم فلما كان يوم الأربعاء بدىء برسول اللّه صلى الله عليه وسلم فحُمَّ وصُدع فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواءً بيده ثم قال‏:‏ ‏"‏ اغز بسم اللّه في سبيل اللّه فقاتل من كفر بالله ‏"‏‏.‏

فخرج وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزاة فيهم أبو بكر الصديق وعمر وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبو عبيدة وقتادة بن النعمان فتكلم قوم وقالوا‏:‏ يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين فغضب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا فخرج وقد عصب رأسه عصابة وعليه قطيفة فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال‏:‏ أما بعد أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة فلئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في تأميري من قبله وأيم اللّه إن كان للإمارة لخليقًا وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة وإن كان لمن اُحب الناس إلي فاستوصوا به خيرًا فإنه من خياركم ‏"‏‏.‏

ثم نزل فدخل بيته وذلك يوم السبت لعشر ليال خلون من ربيع الأول وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ويمضون إلى العسكر بالجرف وثقل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فلما كان يوم الأحد اشتد برسول اللّه صلى الله عليه وسلم وجعه فدخل أسامة من معسكره والنبي صلى الله عليه وسلم مغمور - وهو اليوم الذي لدوه فيه - فطأطأ أسامة فقبله رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعها على أسامة‏.‏

قال‏:‏ فعرفت أنه يدعو لي ورجع إلى معسكره ثم دخل إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فقال له‏:‏ اغد على بركة الله فودعه أسامة وخرج إلى معسكره فأمر الناس بالرحيل‏.‏

فبينما هو يريد الركوب إذا رسول أمه أم أيمن قد جاءه يقول‏:‏ إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يموت فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة فانتهوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو يموت فتوفي عليه السلام حين زالت الشمس يوم الإثنين فدخل المسلمون الذين عسكروا إلى المدينة وكان لواء أسامة مع بريدة بن الخصيب فدخل بريدة بلواء أسامة حتى غرزه عند باب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فلما بويع لأبي بكر أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى أسامة ليمضي لوجهه فمضى بريدة إلى معسكرهم الأول فلما ارتدت العرب كُلِّم أبو بكر في حبس أسامة فأبى وكلم أبو بكر أسامة في عمر أن يأذن له في التخلف ففعل فلما كان هلال ربيع الآخر سنة احدى عشر خرج أسامة فسار إلى أهل أبنى عشرين ليلة فشن عليهم الغارة فقتل من أشرف له وسبى من قدر عليه وقتل قاتل أبيه ورجع إلى المدينة فخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقونهم سرورًا بسلامتهم‏.‏

 مجيء الخبر بظهور مسيلمة والعنسي

قد ذكرنا أن مسيلمة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أسلم ثم ارتد لما رجع إلى بلده وكتب إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول اللهّ‏.‏

وكان يستغوي أهل بلدته وكذلك العنسي إلا أنه لم يظهر أمرهما إلا في حالة مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم قد لحقه مرض بعد عوده من الحج ثم عوفي ثم عاد فمرض مرض الموت‏.‏

قال أبو مويهبة مولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ لما رجع رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم من حجه طارت الأخبار بأنه قد اشتكى فوثب الأسود باليمن ومسيلمة باليمامة فجاء الخبر عنهما إلى رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم ثم وثب طليحة في بلاد بني أسد بعدما أفاق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏

روى سيف بن عمر بإسناده عن عليّ وابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ أول ردة كانت على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأول من ارتد الأسود العنسي في مذحج ومسيلمة في بني حنيفة وطليحة في بني أسد‏.‏

وقال الشعبي‏:‏ قدم على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خبر مسيلمة والعنسي الكذابين بعدما ضرب على الناس بعث أسامة بن زيد‏.‏

من الحوادث في مرضه صلى الله عليه وسلم أنه رأى في منامه سوارين من ذهب فخرج فحدث‏.‏

فروى عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عاصبَاَ رأسه من الصداع فقال لا إني رأيت البارحة فيما يرى النائم أن في عضدي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا فأولتهما هذين‏.‏

الكذابين صاحب اليمامة وصاحب اليمن‏.‏

 ذكر أخبار الأسود العنسي ومسيلمة وسجاح وطليحة

أما الأسود فاسمه عَبْهَلة بن كعب يقال له‏:‏ ذو الخمار لقب بذلك لأنه كان يقول‏:‏ يأتيني ذو خمار‏.‏

وكان الأسود كاهنا مشعبذًا ويريهم الأعاجيب ويسبي بمنطقه قلب من يسمعه وكان أول خروجه بعد حجة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فكاتبته مذحج وواعدته بحران فوثبوا بها وأخرجوا عمرو بن حزم وخالد بن سعيد بن العاص وأنزلوه منزلهما ووثب قيس بن عبد يغوث على فروة بن مسيك وهو على مراد فأجلاه ونزل منزله فلم يلبث عَبْهلة بحران أن سار إلى صنعاء فآخذها وكتب فروة بن مسيك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره ولحق بفروة من بقي على إسلامه من مذحج ولم يكاتب الأسود رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرسل إليه لأنه لم يكن معه أحد يشاغبه وصفا له ملك اليمن وقوي أمره‏.‏

واعترض على الأسود وكاثره عامر بن شهر الهمداني في ناحيته وفيروز وداذَوَيه في ناحيتهما ثم تتابع الذين كتب إليهم على ما أمروا به‏.‏

ثم خرج الأسود في سبعمائة فارس إلى شَعُوب فخرج إليه شهر بن باذام وذلك لعشرين ليلة من خروجه فقتل شهرًا وهزم الأبناء وغلب على صنعاء لخمس وعشرين ليلة من خروجه وخرج معاذ بن جبل هاربًا حتى مر بأبي موسى وهو بمأرب فاقتحما حضرموت فنزل معاذ السكون ونزل أبو موسى السكاسك ورجع عمرو وخالد إلى المدينة وغلب الأسود وطابقت عليه اليمن وجعل أمره يستطير إستطارة الحريق‏.‏

ودانت له سواحل البحر وعامله المسلمون بالتقية‏.‏

وكان خليفته في مذحج عمرو بن معدي كرب وكان قد أسند أمر جنده إلى قيس بن عبد يغوث وأمر الأبناء إلى فيروز وداذويه‏.‏

ثم استخف بهمِ وتزوج امرأة شهر وهي ابنة عم فيروز فأرسل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نفر من الأبناء رسولاَ وكتب إليهم أن يجاولوا الآسود إما غيلة وإما مصادمة وأمرهم أن يستنجدوا رجالًا سماهم لهم ممن خرجوا حولهم من حمير وهمدان وأرسل إلى أولئك النفر أن ينجدوهم فدعوا قيس بن عبد يغوث حين رأوا الأسود قد تغير عليه فحدثوه الحديث وأبلغوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاب ودخلوا على زوجته فقالوا‏:‏ هذا قتل أباك‏.‏

فما عندك قالت‏:‏ هو أبغض خلق اللّه إليّ وهو متحرز والحرس يحيطون بقصره إلا هذا البيت فانقبوا عليه فنقبوا ودخل فيروز فخالطه فأخذ برأسه فقتله فخار كأسد خوار ثور فابتدر الحرس الباب فقالوا‏:‏ ما هذا قالت المرأة‏:‏ النبي يوحى إليه فإليكم ثم خمد‏.‏

وقد كان يجيء إليه شيطان فيوسوس له فيغط ويعمل بما قال له فلما طلع الفجر نادوا بشعارهم الذي بينهم ثم بالأذان وقالوا فيه‏:‏ نشهد أن محمدًا رسول اللّه وأن عبهلة كذاب وشنوها غارة‏.‏

وتراجع أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى أعمالهم وكتبوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالخبر فسبق خبر السماء إليه فخرج قبل موته بيوم أو بليلة فأخبر الناس بذلك ثم ورد الكتاب ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد مات إلى أبي بكر أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الحاجي وإسماعيل بن أحمد السمرقندي قالا‏:‏ أخبرنا أبو الحسين بن النقور أخبرنا المخلص أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد اللّه بن سيف بن سعد أخبرنا السري بن يحيى حدَثنا شعيب بن إبراهيم التيمي حدَّثنا سيف بن عمر عن أبي القاسم الشَّنَويّ عن العلاء بن زياد عن ابن عمر قال‏:‏ أتي النبي صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء الليلة التي قتل فيها العنسي فخرج ليبشرنا فقال‏:‏ ‏"‏ قتل العنسي الأسود البارحة قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين ‏"‏ قيل‏:‏ ومن هو قال‏:‏ ‏"‏ فيروز فاز فيروز ‏"‏‏.‏

 ذكر أخبار مسيلمة

قد ذكرنا أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني حنيفة فلما عاد الوفد ارتد وكان فيه دهاء فكذب لهم وادعى النبوة وتسمى برحمان اليمامة لأنه كان يقول‏:‏ الذي يأتيني اسمه رحمان وخاف أن لا يتم له مراده لأن قومه شاغبوه فقال‏:‏ هو كما يقولون إلا أنني قد أشركت معه فشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه نبي وادعى أنه قد أشرك معه في النبوة وجعل يسجع لهم ويضاهي القرآن فمن قوله‏:‏ سبح اسم ربك الأعلى الذي يستر على الحبلى فأخرج منها نسمة تسعى من بين أضلاع وحشي‏.‏

يا ضفدعة بنت الضفدعين نقي ما تنقين وسبحي فحسن ما تسبحين للطين تغني سنين والماء تلبسين ثم لا تكدرين ولا تفسدين فسبحي لنا فيما تسبحين‏.‏

وكانوا قد سمعوا منه‏.‏

ومن قوله لعنه الله‏:‏ والليل الأطحم والذئب الأدلم والجذع الأزلم ما انتهكت أسيد من محرم‏.‏

وكان يقصد بذلك نصرة أسيد على خصوم لهم‏.‏

وقال‏:‏ والليل الدامس والذئب الهامس ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس‏.‏

وقال‏:‏ والشاة وألوانها وأعجبها السود وألبانها والشاة السوداء واللبن الأبيض إنه لعجب محض وقد حرم المذق ما لكم لا تمجعون‏.‏

وكان يقول‏:‏ والمبذرات زرعًا والحاصدات حصدًا والذاريات قمحًا والطاحنات طحنًا والخابزات خبزًا والثاردات ثردًا واللاقمات لقمًا إهالة وسمنًا لقد فضلتم على أهل الوبر وما سبقكم أهل المدر ريفكم فامنعوه‏.‏

وأتته امرأة فقالت‏:‏ ادع اللّه لنخلنا ولمائنا فإن محمدًا دعا لقوم فجاشت آبارهم فقال‏:‏ وكيف فعل محمد قالت‏:‏ دعى بسَجْلٍ فدعا لهم فيه ثم تمضمض ومجه فيه فأفرغوه في تلك الآبار ففعل هو كذلك فغارت تلك المياه‏.‏

وقال له رجل‏:‏ برك على ولدي فإن محمدًا يبرك على أولاد أصحابه فلم يؤت بصبي مسح على رأسه أو حنكه إلا لثغ وقرع‏.‏

وتوضأ في حائط فصب وضوءه فيه فلم ينبت‏.‏

وكانوا إذا سمعوا سجعه قالوا‏:‏ نشهد أنك نبي ثم وضع عنهم الصلاة وأحل لهم الخمر والزنا ونحو ذلك فأصفقت معه بنو حنيفة إلا القليل وغلب على حجر اليمامة وأخرج ثمامة بن أثال فكتب ثمامة إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يخبره - وكان عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمامة وانحاز ثمامة بمن معه من المسلمين وكتب مسيلمة إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ من مسيلمة رسول اللّه إلىِ محمد رسول اللّه أما بعد فإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ولكن قريشاَ قوم لا يعدلون ويعتدون‏.‏

وبعث الكتاب مع رجلين‏:‏ عبد اللّه بن النواحة وحجير بن عمير فقال لهما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ أتشهدان أني رسول الله ‏"‏ قالا‏:‏ نعم قال‏:‏ ‏"‏ أتشهدان أن مسيلمة رسول اللّه قالا‏:‏ نعم قد أشرك معك فقال‏:‏ لولا أن الرسول لا يقتل لضربت أعناقكما‏.‏

ثم كتب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ من محمد رسول اللّه إلى مسيلمة الكذاب أما بعد‏:‏ فإن الأرض للّه يورثها من يشاء والعاقبة ذكر أخبار سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التميمية كانت قد تنَبّت في الردة بعد موت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالجزيرة في بني تغلب فاستجاب لها الهُذيّل وترك التنصر وأقبل معها جماعة فقصدت قتال أبي بكر فراسلت مالك بن نويرة فأجابها ومنعها من قصد أبي بكر وحملها على أحياء من بني تميم فأجابت فقالت‏:‏ أعدوا الركاب واستعدوا للنهاب ثم أغيروا على الرباب فليس دونهم حجاب فذهبو فكانت بينهم مقتلة ثم قصدت اليمامة فهابها مسيلمة وخاف أن يتشاغل بحربها فيغلبه ثمامة بن أثال وشرحبيل بن حسنة فأهدى لها واستأمنها فجاء إليها‏.‏

وفي رواية أخرى أنه قال لأصحابه‏:‏ اضربوا لها قبة وجمروها لعلها تذكر الباه ففعلوا فلما أتته قالت له‏:‏ اعرض ما عندك فقال لها‏:‏ إني أريد أن أخلو معك حتى نتدارس فلما خلت معه قالت‏:‏ اقرأ عليّ ما يأتيك به جبريل فقال لها‏:‏ انكن معشر النساء خلقتن أفواجًا وجعلتن لنا أزواجًا نولجه فيكن إيلاجًا ثم نخرجه منكن إخراجًا فتلدن لنا أولادًا ثجاجًا فقالت‏:‏ صدقت أشهد أنك نبي فقال لها‏:‏ هل لك أن أتزوجك فيقال نبي تزوج طبية‏.‏

فقالت‏:‏ نعم فقال‏:‏ ألا قومي إلى المخدع فقد هيّي لك المضجع فإن شئت على اثنين وإن شئت على أربع وإن شئت بثلثيه وإن شئت به أجمع فقالت‏:‏ بل به أجمع فهو أجمعِ للشمل فضربت العرب بها المثل فقالت‏:‏ ‏"‏ أغلم من سجاحِ ‏"‏‏.‏

فأقامت معه ثلاثاَ وخرجتَ إلى قومها فقالت‏:‏ إني قد سألته فوجدت نبوته حقاَ وإني قد تزوجته فقالوا‏:‏ مثلك لا يتزوج بغير مهر فقال مسيلمة‏:‏ مهرها أني قد رفعت عنكم صلاة الفجر والعتمة‏.‏

ثم صالحته على أن يحمل إليها النصف من غلات اليمامة وخلفت من يقبض ذلك فلم يفجأهم إلا دنو خالد منهم فارفضوا‏.‏

وبعث رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة بن أثال ومن يجتمع معه أن يجادلوا مسيلمة وأمره أن يستنجد رجالًا قد سماهم ممن حولهم من تميم وقيس وأرسل إلى أولئك النفر أن ينجدوه وكانت بنو حنيفة فريقين‏:‏ فرقة مع مسيلمة وهم أهل حجر وفرقة مع ثمامة‏.‏

وانهم التقوا فهزمهم مسيلمة ولم تزل سجاح في بني تغلب حتى نقلهم معاوية عام الجماعة في زمانه فأسلمت وحسن إسلامها‏.‏

 ذكر أخبار طليحة بن خويلد

خرج طليحة بعد الأسود فادعى النبوة وتبعه عوام ونزل بسميراء وقوي أمره فكتب بخبره إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سنان بن أبي سنان وبعث طلحة خبالًا ابن أخيه إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يخبره خبره ويدعوه إلى الموادعة وتسمى بذي النون يقول إن الذي يأتيه يقال له ذو النون فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرسوله‏:‏ ‏"‏ قتلك اللهّ ‏"‏ ورده كما جاء فقتل خبال في الردة وأرسل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى عوف أحد بني نوفل بن ورقاء وإلى سنان بن أبي سنان وقضاعا أن يجادلوا طليحة وأمرهم أن يستنجدوا رجالًا قد سماهم لهم من تميم وقيس وأرسل إلى أولئك النفر أن ينجدوهم ففعلوا ذلك ولم يشغل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن مسيلمة وطليحة غير مرضه وأن جماعة من المسلمين حاربوا طليحة وضربه مخنف ابن السليل يومًا بسيف فلم يهلك لكنه غشي عليه فقال قوم‏:‏ إن السلاح لا يحيك في طليحة فصار ذلك فتنة وما زال في نقصان والمسلمون في زيادة إلى أن جاءت وفاة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فتناقص أمر المسلمين وانفض جماعة إلى طليحة مع عيينة بن حصن وتراجع المسلمون إلى أبي بكر فأخبروه الخبر وهو يسمع ولا يكترث‏.‏

وكان من كلام طليحة‏:‏ إن الله لا يصنع بتعفير وجوهكم ولا فتح أدباركم شيئًا فاذكروا اللّه قيامًا‏.‏

ومن كلامه‏:‏ والحمام واليمام‏.‏

والصرد الصوام قد ضمن من قبلكم أعوام ليبلغن ملكنا العراق وخرج إلى بزاخة وجاء خالد بن الوليد فنازله فجاء عيينة إلى طليحة فقال‏:‏ ويلك جاءك الملك قال‏:‏ لا فارجع فقاتل فرجع فقاتل ثم عاد فقال‏:‏ جاءك الملك قال‏:‏ لا فعاد فقال‏:‏ جاءك الملك‏.‏

قال‏:‏ نعم قال ما قال قال‏:‏ إن لك حديثًا لا تنساه فصاح عيينة‏:‏ الرجل والله كذاب فانصرف الناس منهزمين وهرب طليحة إلى الشام فنزل على كلب فبلغه إن أسدًا وغطفان وعامر قد أسلموا فأسلم‏.‏

وخرج نحو مكة معتمرًا في إمارة أبي بكر فمر بجنبات المدينة فقيل لأبي بكر‏:‏ هذا طليحة قال‏:‏ ما أصنع به خلوا عنه فقد أسلم وقد صح إسلامه وقاتل حتى قتل في نهاوند‏.‏

 وكان مما جرى في مرض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم

أواخر صفر قال الواقدي‏:‏ لليلتين بقيتا منه وقال غيره‏:‏ لليلة وقيل‏:‏ بل في مفتتح ربيع‏.‏

قالت عائشة بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأوه وهو في بيت ميمونة فاشتد وجعه فاستأذن نساءه أن يمرض في بيت عائشة فأذن له فخرج إلى بيتها تخط رجلاه‏.‏

أخبرنا أبو القوت أخبرنا الداودي أخبرنا ابن أعين حدَثنا الفربري حدَثنا البخاري حدًثنا إسماعيل حدَثنا سليمان بن بلال قال‏:‏ قال هشام بن عروة قال‏:‏ أخبرني أبي عن عائشة‏:‏ أن رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه‏:‏ أين أنا غدا ‏"‏ يريد يوم عائشة فأذن له أزواجه يكون حيث شاء فكان في بيت عائشة حتى مات عندها‏.‏

أخرجه البخاري‏.‏

 ومن الحوادث أن أبا بكر طلب أن يمرضه صلى الله عليه وسلم

أخبرنا إسماعيل بن أحمد أخبرنا ابن النقور أخبرنا المخلص أخبرنا أبو بكر بن يوسف حدَثنا السري عن يحيى حدَّثنا شعيب بن إبراهيم التيمي حدَّثنا سيف بن عمر عن مبشر بن الفضل عن سالم عن أبيه قال‏:‏ جاء أبو بكر رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول اللّه ائذن لي فأمرضك وأكون الذي أقوم عليك فقال‏:‏ ‏"‏ يا أبا بكر إني إن لم أحتمل أزواجي وبناتي وأهل بيتي علاجي ازدادت مصيبتىِ عليهم عظمًا وقد وقع أجرك على اللّه تعالى ‏"‏ وقد اختلف في مدة مرضه فذكرنا ثلاث عشرة ليلة وقيل اثنتي عشرة ليلة‏.‏ومن الحوادث أن في مرضه صلى الله عليه وسلم الوجع اشتد عليه قالت عائشة‏:‏ جعل يشتكي ويتقلب على فراشه فقلت له‏:‏ لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال‏:‏ ‏"‏ إن المؤمنين يشدد عليهم إنه لا يصيب المؤمن نكبة من شوكة فما فوقها إلا رفع اللّه بها درجة وحط عنه بها خطيئة‏.‏

أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار أخبرنا أبو محمد الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا ابن معروف حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدَّثنا محمد بن سعد أخبرنا قبيصة حدَثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت‏:‏ ما رأيت أحدًا اشتد عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال ابن سعد‏:‏ وأخبرنا عبيد الله بن موسى بن عبيدة الربذي عن زيد بن أسلم عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ جئنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا عليه صالبٌ من الحمى ما تكاد تَقَريَدُ أحدنا عليه من شدة الحمى فجعلنا نسبح فقال لنا‏:‏ ‏"‏ ليس أحد أشد بلاء من الأنبياء كما يشدد علينا البلاء كذلك يضاعف لنا الأجر ‏"‏‏.‏

 ومن الحوادث أنهم لدوه صلى الله عليه وسلم

أخبرنا محمد بن أبي طاهر أخبرنا الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف أخبرنا الحارث بن أبي أسامة أخبرنا محمد بن سعد قال‏:‏ حدَّثنا محمد بن الصباح قال‏:‏ حدّثنا عبد كانت تأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخاصرة فاشتد به جدًا فأخذته يومًا فأغمي عليه حتى ظننا أنه قد هلك فلددناه فلما أفاق عرف أنا قد لددناه فقال‏:‏ كنتم ترون أن اللهّ كان مسلطًا علي ذات الجنب ما كان الله ليجعل لها علي سلطانَاَ واللهّ لا يبقى في البيت أحد إلا لددتموه إلا عمي العباس ‏"‏ قالت‏:‏ فما بقي في البيت أحد إلا لُدَّ فإذا امرأة من بعض نسائه تقول‏:‏ أنا صائمة قالوا‏:‏ ترين أنا ندعك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى أحد في البيت إلا لُد فلددناها وهي صائمة‏.‏

 ومن الحوادث أنه صلى الله عليه وسلم قال أهريقوا علي الماء

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف أخبرنا الحارث بن أبى أسامة حدَثنا محمد بن سعد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن الحجاج قال‏:‏ حدَثنا ابن المبارك قال‏:‏ أخبرنا معمر عن الزهري قال‏:‏ أخبرني عبد اللّه بن عبد اللّه أن عائشة قالت‏:‏ لما ثقل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اشتد عليه وجعه فقال‏:‏ أهريقوا عليَّ من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي أعهد إلى الناس فأجلسناه في مخضب لحفصة ثم طفقنا نصب عليه ومن الحوادث أنه خرج عاصبًا رأسه فقام على المنبر وقال‏:‏ إن عبدًا خيره اللّه فبكى أبو بكر رضي اللّه عنه أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أبو بكر بن مالك حدَّثنا عبد اللّه بن أحمد قال‏:‏ حدَّثني أبي حدَّثنا أبو عامر حدَّثنا فليح عن سالم بن أبي النضر عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ خطب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الناس فقال‏:‏ ‏"‏ إن اللّه عز وجل خير عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند اللّه عز وجل قال‏:‏ فبكى أبو بكر فعجبنا من بكائه أن خبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن عبد خير وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المخير وكان أبو بكر أعلمنا به‏.‏

 ومن الحوادث أنه خرج صلى الله عليه وسلم فاقتص من نفسه

أخبرنا ابن الحصين أخبرنا أبو طالب محمد بن غيلان أخبرنا أبو بكر بن عبد اللّه بن إبراهيم الشافعي حدَّثنا معاذ بن المثنى حدَّثنا علي بن المديني حدَّثنا معن بن عيسى حدًثنا الحارث بن عبد الملك الليثي عن القاسم بن يزيد عن عبد اللهّ بن قسيط عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس عن أخيه الفضل بن العباس قال‏:‏ جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إليه فوجدته موعوكًا قد عصب رأسه فقال‏:‏ ‏"‏ خذ بيدي فضل فأخذت بيده فانطلق حتى جلس على المنبر ثم قال‏:‏ ‏"‏ ناد في الناس فلما اجتمعوا إليه حمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ أما بعد أيها الناس فإنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم من كنتُ جلدتُ له ظهرًا فهذا ظهري فليستقدْ منه ومنْ كنتُ أخذت له مالًا فهذا مالي فليأخذه ومنْ كنتُ شتمتُ له عِرْضًا فهذا عرضي فليستقدْ منه ولا يقولن أحد إني أخشى الشحناء من رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني ألا وإن أحبكم إليَ مَنْ أخذ شيئًا كان له أوحللني فلقيت اللّه وأنا طيب النفس وإني أرى أن هذا غير مُغْن عني حتى أقوم فيكم مرارًا ‏"‏‏.‏

ثم نزل فصلى الظهر ثم جلس على المنبر فعاد لمقالته الأولى في الشحناء وغيرها فقام رجل فقال‏:‏ إذن واللّه لي عندك ثلاثة دراهم فقال‏:‏ ‏"‏ أما أنا لا نكذب قائلًا ولا نستحلف فبم كانت لك عندي ‏"‏ فقال‏:‏ يا رسول اللّه تذكر يوم مر بك المسكين فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم قال‏:‏ أعطه يا فضل فأمر به فجلس ثم قال‏:‏ لا أيها الناس من كان عليه شيء فليؤده فلا يقولن رجل فضوح الدنيا فإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة فقام رجل فقال‏:‏ يا رسول اللهّ عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله قال‏:‏ ‏"‏ ولم غللتها ‏"‏ قال‏:‏ كنت محتاجًا قال‏:‏ ‏"‏ خذها منه يا فضل ‏"‏ ثم قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ أيها الناس من خشي من نفسه شيئًا فليقم فلندع له ‏"‏ فقام رجل فقال‏:‏ واللّه يا رسول اللّه إني لكذاب إني لفاحش وإني لنوام فقال‏:‏ ‏"‏ اللهم ارزقه صدقًا وأذهب عنه النوم إذا أراد ‏"‏‏.‏

ثم قام آخر فقال‏:‏ واللّه يا رسول الله إني لكذاب وإني لمنافق وما من شيء من الأشياء إلا وقد جنيته قال عمر‏:‏ فضحت نفسك أيها الرجل فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ يابن الخطاب فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة ‏"‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏ اللهم ارزقه صدقًا وإيمانًا وصيِّرْ أمره إلى خير ‏"‏ قال‏:‏ فتكلم عمر رضىِ اللّه عنه بكلام فضحك رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ ‏"‏ عمر معي وأنا مع عمر والحقّ مع عمر حيث كان ‏"‏‏.‏

قال مؤلف الكتاب‏:‏ في هذا الحديث إشكال والمحدثون يروونه ولا يعرف أكثرهم معناه وهو قوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏ من كنت جلدت له ظهرًا فليستقد ‏"‏‏.‏

وقد أجمع الفقهاء أن الضرب لا يجري فيه قصاص وإنما أراد أن يعرف الناس أن من فعل ذلك ظلمأ فينبغي تأديته وإلا فهو منزه عن الظلم‏.‏

كان يصلي بالناس في مدة مرضه وإنما انقطع ثلاثة أيام وقيل‏:‏ سبع عشرة صلاة فلما أذن بالصلاة في أول ما امتنع قال‏:‏ ‏"‏ مروا أبا بكر أن يصلي بالناس ‏"‏‏.‏

أخبرنا ابن الحصين قال‏:‏ أخبرنا ابن المذهب قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد قال‏:‏ حدثني أبي قال‏:‏ حدثنا أبو معاوية قال‏:‏ حدًثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت‏:‏ لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه بلال ليؤذنه بالصلاة فقال‏:‏ ‏"‏ مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت‏:‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله ‏"‏ إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر قال‏:‏ مروا أبا بكر فليصل بالناس ‏"‏ قالت‏:‏ فقلت لحفصة‏:‏ قولي له فقالت له حفصة‏:‏ يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر فقال‏:‏ ‏"‏ إنكن صويحبات يوسف ‏"‏ مروا أبا بكر فليصل بالناس‏.‏

قالت‏:‏ فأمروا أبا بكر يصلي بالناس فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فقام يتهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض حتى دخل في المسجد فلما سمع أبو بكر حسه ذهب ليتأخر فأومأ إليه رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم أن قم كما أنت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس قاعدًا وأبو بكر قائمًا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

والناس يقتدون بصلاة أبي بكر‏.‏

أخرجاه في الصحيحين‏.‏